في سعيها الدائم نحو النمو والتوسع، قد تتخذ الشركات قرارات مصيرية يمكن أن تغير مسارها بشكل جذري. أحد هذه القرارات هو تقسيم الشركة إلى شركات أصغر أو أكثر تخصصًا. هذا القرار يمكن أن يكون له تأثيرات متعددة على أداء الشركة وفرص نموها. في هذا المقال، سنستكشف الأسباب التي قد تدفع الشركة إلى اتخاذ مثل هذا القرار، والفوائد المحتملة، بالإضافة إلى التحديات التي قد تواجهها.
أسباب تقسيم الشركة
1. تعزيز التركيز والكفاءة: عندما تكون الشركة كبيرة ومتنوعة في منتجاتها أو خدماتها، قد تجد صعوبة في التركيز على جميع المجالات بنفس القدر من الفعالية. تقسيم الشركة يمكن أن يسمح لكل وحدة جديدة بالتركيز على مجال محدد، مما يعزز الكفاءة والإنتاجية.
2. تحسين إدارة المخاطر: تقسيم الشركة يمكن أن يساعد في توزيع المخاطر بشكل أفضل. إذا كانت إحدى الوحدات تواجه تحديات مالية أو تشغيلية، فإن هذا لن يؤثر بشكل مباشر على الوحدات الأخرى.
3. جذب الاستثمارات: الشركات المنقسمة يمكن أن تكون أكثر جاذبية للمستثمرين الذين يرغبون في التركيز على قطاعات محددة. هذا يمكن أن يفتح أبوابًا جديدة لتمويل النمو والتطوير.
فوائد تقسيم الشركة
1. زيادة المرونة: الشركات الأصغر حجمًا تكون أكثر مرونة وقدرة على التكيف مع التغيرات السوقية والصناعية.
2. تعزيز الابتكار : الفرق المنقسمة قد تكون أكثر قدرة على الابتكار وتجربة أفكار جديدة دون القيود التي قد تفرضها هياكل الشركة الكبيرة.
3. تحسين إدارة الموارد البشرية: يمكن أن تؤدي عملية التقسيم إلى تحسين إدارة المواهب، حيث يمكن لكل وحدة التركيز على احتياجاتها الخاصة من الموارد البشرية.
التحديات المحتملة
1. تكاليف التقسيم : عملية التقسيم يمكن أن تكون مكلفة وتستغرق وقتًا طويلاً، خاصة فيما يتعلق بإعادة الهيكلة الإدارية والقانونية.
2. فقدان التكامل : قد تفقد الشركة بعض التكامل والتنسيق بين الوحدات المختلفة، مما يمكن أن يؤثر على الكفاءة العامة.
3. تحديات انتقال الموظفين : قد يواجه الموظفون صعوبة في التأقلم مع التغييرات الجديدة، مما يمكن أن يؤثر على معنوياتهم وأدائهم.
هناك العديد من الشركات التي قامت بتقسيم نفسها إلى شركات مستقلة، ومن الأمثلة على ذلك:
1. جوجل: في عام 2015، قامت جوجل بإعادة هيكلة نفسها تحت شركة قابضة جديدة تُدعى "ألفابت" (Alphabet Inc)، مما سمح لها بفصل أعمالها الأساسية في البحث والإعلان عن مشاريعها التجريبية مثل السيارات ذاتية القيادة وشركات الرعاية الصحية.
2. فيات كرايسلر: في عام 2021، اندمجت فيات كرايسلر مع مجموعة بي إس إيه لتشكيل مجموعة ستيلانتس، وهي شركة قابضة تضم علامات تجارية متعددة مثل فيات، كرايسلر، أوبيل، وبيجو.
3. أي بي إم: في عام 2020، أعلنت آي بي إم عن خططها لفصل وحدة الخدمات الإدارية الخاصة بها إلى شركة مستقلة تُدعى "Kyndryl"، مما سيسمح لآي بي إم بالتركيز على أعمالها في مجال التكنولوجيا والحوسبة السحابية.
4. إيه تي آند تي : في عام 2021، قامت إيه تي آند تي ببيع أصولها في مجال الإعلام، بما في ذلك WarnerMedia، لشركة ديزني، مما أدى إلى تشكيل شركة جديدة تُدعى Warner Bros. Discovery.
5. جنرال إلكتريك : في عام 2021، قامت جنرال إلكتريك بتقسيم نفسها إلى ثلاث شركات مستقلة: جنرال إلكتريك للطيران، جنرال إلكتريك للرعاية الصحية، وجنرال إلكتريك للطاقة.
6. كوكاكولا : في عام 2018، قامت كوكاكولا ببيع أعمالها في مجال المشروبات في أفريقيا إلى شركة Coca-Cola Beverages Africa، مما سمح لها بالتركيز على أعمالها الأساسية في الأسواق العالمية.
7. فيسبوك : في عام 2019، قامت فيسبوك بشراء شركة واتساب، وفي عام 2021، قامت بإعادة تسمية نفسها إلى "ميتا" (Meta Platforms, Inc)، مما يعكس توسعها في مجالات جديدة مثل الواقع الافتراضي والواقع المعزز.
8 . انفصال eBay عن PayPal : في 2015، حيث أدى هذا القرار إلى تحقيق كلتا الشركتين نموًا متسارعًا بعد أن ركزت كل واحدة منهما على مجالها الأساسي.
9. شركة HP ، التي قررت فصل أعمالها إلى كيانين مستقلين في 2015، مما مكّن كل جهة من التركيز على مجالاتها الأساسية وتحقيق نمو أكثر استقرارًا.
هذه الأمثلة تظهر كيف يمكن لتقسيم الشركات أن يكون استراتيجية ناجحة لتعزيز القيمة السوقية وتحقيق النمو.
الخلاصة
تقسيم الشركة إلى شركات أصغر يمكن أن يكون استراتيجية ناجحة للنمو والتوسع، إذا تم التخطيط لها وتنفيذها بشكل صحيح. من المهم أن تأخذ الشركات في الاعتبار الفوائد المحتملة جنبًا إلى جنب مع التحديات، وتعمل على وضع خطة شاملة لضمان نجاح عملية التقسيم. بهذه الطريقة، يمكن للشركات أن تعزز من قدرتها على المنافسة وتحقق أهدافها الاستراتيجية.